الدولة هي منطقة يُديرها المسؤولون المُنتخبون لإدارة المجتمع بسلطة شرعية، أما السياسة فهي علم وفن الحصول على السلطة لتحقيق أهداف معينة وتوزيع السلطة في المجتمع. للمفكرين الإسلاميين آراء متنوعة حول الدولة، حيث يؤكدون على العلاقة الوثيقة بين الإسلام والدولة. في الغرب، تُشوه صورة الإسلام أحياناً من خلال أفكار مثل "عالم بدون إسلام" التي طرحها جراهام إي. فولر، وإرنست غلنر، وريتشارد دوكينز، حيث يعتبرون الدين سبباً للعنف. في هذا السياق، يُمكن القول إن الدين، وخاصة الإسلام، قد يبدو غير متوافق مع مفهوم الدولة. لكن ابن تيمية، العالم الحنبلي، يرى أن الدين لا يمكن أن يستمر دون دولة، وأن قيادة الدولة يجب أن تستند إلى القوة والأمانة. وأكد على أن الدولة هي وسيلة أساسية لتنفيذ الواجبات الدينية وتحسين رفاهية المجتمع، ويجب أن يكون لها نظام حكم يتوافق مع أوامر الدين. يهدف هذا البحث إلى كشف حقيقة الدولة وفقاً لابن تيمية في فكره السياسي. تتمثل المشكلة الرئيسية التي تم دراستها في كيفية رؤية ابن تيمية لمفهوم الدولة ودورها في حياة الأمة. من خلال تحديد هذه المشكلة، يسعى الباحث للإجابة عن الأسئلة المتعلقة بحقيقة الدولة في الفكر السياسي لابن تيمية، وذلك من خلال تتبع إسهاماته في الفكر السياسي الإسلامي. هذا البحث يستخدم المنهج الكيفي مع نهج وصفي، ويعتمد على المصادر الرئيسية من أعمال ابن تيمية، مثل كتاب "السياسة الشرعية"، بالإضافة إلى المصادر الثانوية من كتب ومجلات ومقالات ذات صلة. الطريقة التحليلية المستخدمة هي الوصفية والتحليلية، مع التركيز على فكر ابن تيمية حول مفهوم الدولة ودور القائد في الإسلام. في عملية جمع البيانات، تم تنفيذ ثلاث مراحل: الجرد، التقييم النقدي، وجمع البيانات النهائية من مختلف المصادر الأدبية ذات الصلة. تُظهر نتائج البحث أن الدولة يجب أن تُبنى على مبادئ العدل والقوة وتطبيق الشريعة الإسلامية، كما أكد ابن تيمية. وظيفة الدولة هي تحقيق الخير ومنع الشر، والحفاظ على علاقة متوازنة بين الحاكم العادل والشعب. يجب أن يكون الحاكم نزيهًا وأمينًا في أداء مهامه، وتطبيق الشريعة هو الأساس لتحقيق رفاهية المجتمع والاستقرار الاجتماعي. يشير ابن تيمية إلى أن رئيس الدولة يجب أن تتوفر فيه قوتان أساسيتان: القوة في إدارة المجتمع والأمانة في أداء واجباته. ويجب اختيار رئيس الدولة بناءً على الكفاءة والقوة لتطبيق الشريعة وضمان الاستقرار. كما يؤكد ابن تيمية على أن الدولة وسيلة لتحقيق رفاهية الأمة وحماية حقوق الأفراد وإقامة العدل. تسلط الدراسة الضوء على أهمية فكر ابن تيمية السياسي في فهم الدولة الحديثة، خاصة في ما يتعلق بالعدل والقوة وتطبيق الشريعة الإسلامية. أخيراً، تؤكد هذه الدراسة أن فكر ابن تيمية السياسي حول الدولة له أهمية كبيرة في السياق الحديث، حيث يبرز أهمية العدل والقوة وتطبيق الشريعة الإسلامية كأسس لحكومة جيدة. يدرك الباحث أن هناك العديد من النقص في هذه الدراسة ويأمل أن يتمكن الباحثون القادمون من إكمال هذه الدراسة بشكل أفضل وأكثر تركيزاً. كما يأمل الباحث في الحصول على ملاحظات وتصحيحات من جوانب مختلفة لتحسين جودة الأبحاث في المستقبل.