مناقشة قضية الترادف في معاني القرآن الكريم تُعدّ واحدة من القضايا الهامة التي حظيت باهتمام علماء القرآن الكريم منذ العصر الكلاسيكي حتى العصر الحديث. فقد انقسم العلماء في هذه القضية إلى فريقين: فريق مؤيد لوجود الترادف في القرآن الكريم، وآخر معارض لذلك. ومن أمثلة الترادف ما يتعلق بالألفاظ القرآنية: "أذى" و"خبيث" و"رجس"، حيث ترتبط هذه الألفاظ بمعاني الشر أو الأمور السيئة. ومع ذلك، ورغم التشابه بين هذه الألفاظ، فإن لكل منها دلالة خاصة تحددها سياقاتها في الآيات القرآنية. وتظهر هذه الفروقات الدلالية بسبب التأثير الناتج عن الاشتقاق اللغوي. ويُطلق في الدراسات الدلالية على هذا النوع من التغييرات مصطلح الفروق اللغوية. تهدف هذه الدراسة إلى فهم المعاني الأساسية للألفاظ "أذى"، و"خبيث"، و"رجس"، بالإضافة إلى استكشاف الفروق اللغوية في استخدامها ضمن الآيات القرآنية المختلفة. كما تسعى الدراسة إلى تحليل الخصائص اللغوية للقرآن الكريم التي تميز كل لفظ من الألفاظ ذات المعاني المتشابهة. اعتمد الباحث في تحليل الفروق الدلالية بين هذه الألفاظ على المنهج الدلالي للقرآن الكريم باستخدام طريقة البحث المكتبي. وقد أُجريت الدراسة بأسلوب وصفي تحليلي، حيث تم جمع البيانات المتعلقة بالألفاظ "أذى"، و"خبيث"، و"رجس"، وكذلك الآيات المرتبطة بها. وبعد ذلك، تم تحليل البيانات لفهم المعاني الدقيقة لكل لفظ في سياق الآيات القرآنية. وقد حلص الباحث على نتيجة إلى أن الألفاظ "أذى" و"خبيث" و"رجس" تتميز بفروق دلالية خاصة حسب سياق استخدامها؛ إذ يشير لفظ "أذى" إلى ضرر أو سوء خفيف أو شيء مكروه مثل الأذى أو الخسارة البسيطة، بينما يدل لفظ "خبيث" على فعل سيئ شديد، يشمل الشرور الأخلاقية أو المادية و الفواحس و الكفر، وأما لفظ "رجس" فيشير إلى أعلى درجات الشر أو النجاسة التي تستوجب العقوبة الإلهية، كل لفظ من الألفاظ الثلاثة السابقة يعبر عن درجة مختلفة من الشر أو النجاسة، ولكل منها عقوبتها أمام الله. في الختام، ما زالت هذه الدراسة تحتوي على العديد من النواقص، لذلك يأمل الباحث أن يتمكن الباحثون، خاصة الذين يدرسون علوم القرآن والتفسير، من مواصلة هذه الدراسة من جوانب مختلفة، سواء كانت علمية أو اجتماعية أو من خلال مناهج أخرى، وذلك من أجل إثراء الدراسات وتوسيع الفائدة.