القلب، كما عرّفه علماء التصوف، هو أساس لمعرفة الله سبحانه وتعالى وأداة رئيسية للتمييز بين الخير والشر للإنسان. ووفقًا للإمام الغزالي، يُعرّف القلب السليم بأنه القلب الذي يؤدي وظائفه بشكل كامل وقادر على التمييز بين الحق والباطل، بينما القلب غير السليم هو القلب المليء بالأمراض التي تعيق وظيفته. في العصر الحديث، تشهد المجتمعات انحطاطاً أخلاقيًا ملحوظًا بسبب ضعف القلوب ومرضها، مما يجعل تربية القلوب خطوة أولى وأساسية قبل تقويم شخصية الإنسان. فالنجاح في تربية القلوب يؤدي إلى تقويم شخصية سليمة، بينما الفشل في ذلك يعيق تحقيق هذا الهدف. وتقويم الشخصية السليمة يعتمد على أسس إسلامية مستمدة من تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية، مما يعزز الأخلاق الفاضلة، وفهم الحقائق، والسعي للنجاة في الآخرة. تهدف هذه الدراسة إلى معرفة معنى القلب السليم في القرآن الكريم وعلاقته بتقويم الشخصية الإسلامية بين تفسير محمد متولي الشعراوي ومحمود الألوسي، وكذلك منهج التفسير الذي استخدمه كل منهما. استخدمت الباحثة الدراسة على منهج النوعية الكيفي باستخدام أسلوب الدراسة المكتبية لجمع البيانات والمعلومات من مصادر أدبية متنوعة، مع تحليل البيانات باستخدام المنهج المقارن والمنهج التحليلي. فتشمل نتائج هذه رسالة البحث بأن أوجه الاختلاف في تفسير معنى القلب السليم، بالنسبة لمحمد متولي الشعراوي، فإن سلامة القلب هي أساس الدين والعقيدة لأن فطرة الإنسان هي امتلاك قلب سليم، وهو القلب الذي يخلو من الرياء. بينما محمود الألوسي يفسر القلب السليم على أنه القلب الخالي من كل الأمراض المتعلقة بالعقيدة والأخلاق. أما علاقة القلب السليم بتقويم الشخصية الإسلامية هو أن القلب السليم الخالي من الشرك، والنفاق، والرياء، والتعلق بالدنيا والصفات السيئة، فيؤثر في عقيدة الإنسان لتصبح عقيدة صحيحة (عقيدة إسلامية) من خلال العبادة والطاعة لله، وتطهير القلب من كل ما يفسد تلك العقيدة. وفي الختام، تدرك الباحثة أن هذه رسالة البحث ليست خالية من النقص. لذلك، تأمل الباحثة أن تكون نقطة انطلاق لدراسات أعمق في موضوع القلب السليم، وأن يتم من زوايا مختلفة لإثراء البحث العلمي في هذا المجال. نسأل الله أن يجعل هذه رسالة البحث مفيدة وأن تكون مرجعًا للباحثين في المستقبل.