يعتبر خلق الكون من أهم المناقشات الفلسفيّة بين الفلاسفة المسلمين. يفترض الفلاسفة أن الكون لم يكن لها بداية. فالكون موجود منذ أن وجد الله. الله موجود، وبالتالي الكون موجود. وهذا يؤدي في النهاية إلى الرأي القائل بأن الكون أزليّ. إذا قيل إن الله موجود بينما الكون غير موجود، فإن ما كان موجودًا قبل الكون هو مجرد ”العدم“. يقول الفلاسفة أن هذا مستحيل. لأنه إذا كان الكون قد تغيّر من ”العدم“ إلى ”الوجود“، فلا بد أن يكون هناك خالق (الله) هو الّذي يسبّب في التغيير من العدم إلى الوجود. يرى الغزالي أنه لا توجد ضرورة منطقية لاستنتاج أن العالم ليس له بداية. وفقًا له، ليس من المستحيل على العقل أن يعتقد أن الله كان موجودًا دون أن يكون معه شيء، وأن الله خلق العالم من العدم. وجود العدم قبل خلق العالم ليس أمرًا مستحيلًا، وإرادة الله تختلف عن إرادة الإنسان، لأن التحول من عدم الإرادة (خلق العالم) إلى الإرادة (خلق العالم) لا يمكن مقارنته بإرادة الإنسان. هذا البحث هو بحث نوعيّ ذو منهج فلسفيّ. والمنهج المستخدم هو البحث المكتبيّ مع تقنيّات التحليل الوصفيّ التحليلي، حيث سيقوم الباحث باستكشاف أعمال الغزالي المتعلّقة بموضوع خلق الكون. ومصادر البيانات الرّئيسيّة في هذا البحث هي تهافت الفلاسفة وإحياء علوم الدين. وسيتمّ استخلاص البيانات الثانويّة من الأدبيّات المتعلّقة بسياق الفكر الفلسفيّ الإسلاميّ وإسهامات الغزالي في الخطاب الكلاميّ الإسلاميّ. وتظهر النّتائج أن الغزالي طور حججًا قوية لدعم عقيدة خلق الله للكون، مؤكدًا أن الكون غير دائمة وتعتمد كليًا على إرادة الله. ويوضح البحث أن خلق الكون يمر بعدّة مراحل، وهي مرحلة الإرادة، ومرحلة كن، ومرحلة التكوين، ومرحلة الإقام. وهذه الحجة ليست حجة لاهوتية فحسب، بل منطقيّة وفلسفيّة أيضًا. وقد نجح الغزالي في دحض نظرة الفلاسفة إلى أزليّة الكون من خلال استخدام مناهجهم الخاصة، مثل منطق أرسطو، ولكن في إطار الفكر الإسلاميّ. وتعلق الباحثة بأن آراء الغزالي تقدم أساسًا لاهوتيًا قويًا لفهم الخلق، ولكنّها تترك أيضًا مجالًا لمزيد من النقاش حول العلاقة بين الدين والعلم في السياق الحديث. تقترح هذه الدّراسة أن تركز الأبحاث المستقبليّة على استكشاف تأثير فكر الغزالي على الفلسفة الحديثة، خاصة فيما يتعلق بمفهوم الخلق الكونيّ وتطور العلم في التّراث الإسلاميّ. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للباحثين المستقبليّين أيضًا تعميق الدّراسة المقارنة بين آراء الغزالي والمفكّرين المعاصرين فيما يتعلق بخلق الكون في الإسلام. الكلمات المفتاحية: الغزالي، الكون، ما وراء الطبيعة، الخلق.