إن المقصد الرئيسي من الغزو الفكري الذى واجهه سعيد النورسي، فى عصره، هو فكر اللاأدري الإلحادي الذى ينكر وجود الله. وقد تأثر كثير من المفكرين بهذا الفكر الوافد منذ أواخر القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر الميلادي. والأخطر من ذلك، تدريس الفلسفة المادية والإلحاد فى المدارس (سنة 1940)، والذى أصبح الشغل الشاغل لسعيد النورسي. ولذا، قام سعيد النورسي بنقد هذه الفلسفة المادية من أساسها الفكري ومزاعمها المحورية. فمن هذا المنطلق يهدف هذا البحث إلى كشف موقف سعيد النورسي من الفلسفة المادية ويعقبها بتقديم حكمة القرآن بديلا عن فلسفة البشر المادية؛ وتحقيق دور سعيد النورسي فى بناء الحضارة الإسلامية مبنيا على انتقاداته للفلسفة المادية والحضارة الغربية المادية الإلحادية. ولمعالجة هذا البحث، يستخدم الباحث نموذج التأويل، ومنهج الوصف وتحليل المحتوى فى تحليل المادة. وأما النظرية للإطار هي دراسة فلسفيةكلامية، ونوع البحث بحث كلامي فلسفي الذي يعتمد على حقل الدراسات الكلامية الفلسفية ودراسات الفكر الإسلامي والحضارة الإسلامية. ونتائج البحث التى خرج بها الباحث هي: (1) إن حياة سعيد النورسي مليئة بالدفاع الدين عن الغزو الفكري الذى يتضمن الفلسفات الغربية، منها: الفلسفة المادية؛ (2) لا ينتقد سعيد النورسي الفلسفة الحديثة فحسب، بل انتقد الفلسفة اليونانية أيضا، لأنها مصدر الفلسفة المادية الحديثة؛ (3) انتقد سعيد النورسي الفلسفة المادية لأنها: سفسطة، وطاعون معنوي، وتيار الإلحاد؛ (4) إن الفلسفة المادية أصبحت أساسا للحضارة الغربية المادية، كأنهما وجهان لعملة واحدة؛ (5) قام سعيد النورسي بالتجديد الحضاري من خلال منهجية قراءة ((كتاب)) الكون بما فيها من علاقات بين القرآن والإنسان؛ ومؤسسا على نظرة ((المعنى الحرفي)) و ((أنا)). ويأمل الباحث أن يكون هذا البحث الضئيل إسهاما فى حل نقطة من مشكلات الفكر الإسلامي، بما يوجه من اعتبار دور التوحيد عاملا رئيسيا فى تحديد المشاكل واستشراف العلاج. فإن المشكلة الفكرية مصدرها غياب دور التوحيد فى شتى نواحي الحياة، خصوصا فى الحياة الفكرية. إلا أن الباحث فى هذا البحث لا يلم بجميع نواحي فكر سعيد النورسي، والذى أورده فى هذا البحث البسيط مجرد نقطة صغيرة فى ((البحث المحيط)) من فكر الأستاذ النورسي. فعلى الباحثين القادمين دراسة تلك المجالات الواسعة.