إحدى أكبر المشاكل التي يواجهها المسلمون اليوم هي الفهم حول مفهوم البلاد المثالية التي تأثرت بهيمنة الرؤية العلمانية الغربية. يُقال إن البلاد مثالية إذا كان لديها مستوى عالٍ من الدخل الفردي، بنية تحتية حديثة، نظام تعليمي وصحي عالي الجودة، بالإضافة إلى الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة. هذا الفهم يختلف عن مفهوم الدولة في الإسلام المستند إلى القرآن. يقدم القرآن العديد من المفاهيم لتنظيم حياة البشر، ومن بينها مفهوم البلاد الذي يتم الحصول عليه من اللفظ في القرآن وهو "بلاد". بل توجد أيضاً مصطلح بلدة طيبة كأحد المشتقات من كلمة بلاد. استناداً إلى الخلفية المذكورة، فإن الهدف الرئيسي من هذه الدراسة هو كشف المعنى الدلالي لكلمة بلاد في القرآن الكريم وشرح علاقتها بمفهوم بلدة طيبة وفقاً لآراء العلماء مثل الفارابي، ابن خلدون، وسيد قطب. هذه الدراسة هي بحث مكتبي (بحث في المكتبة) مع استخدام تقنية جمع البيانات الوثائقية ومنهج التحليل والوصف. أما الإطار النظري المستخدم في هذه الدراسة فهو السيمانتيك القرآنية التي تشمل الاشتقاق والسياق. نتائج هذا البحث تُظهر أن المعنى الدلالي لكلمة "بلاد" ومشتقاتها مثل "بلدة" و"بلد" التي وردت في سورة سبأ:15، البقرة:126، الأعراف:58، الزخرف:11، إبراهيم:35، وآل عمران:196، تشير إلى مكان لا يُرى فقط بشكل مادي، بل يحمل أيضًا معاني البركة والتقوى التي غالبًا ما ترتبط بالحالة الاجتماعية والاقتصادية والرفاهية. يتماشى هذا المعنى الدلالي مع ثلاثة عناصر أساسية في مفهوم "البلدة الطيبة"، وهي: أولاً، المفهوم الجغرافي الذي يركز على أن "البلدة الطيبة" يجب أن تكون في بيئة صحية مع جودة هواء وماء جيدة؛ ثانيًا، مفهوم القيادة الذي يوضح خصائص القائد الحكيم، العارف بالدين بعمق، والذي يتحلى بأخلاق جيدة في قيادة "البلدة الطيبة"; وثالثًا، مفهوم المجتمع الذي يركز على أهمية الدعم المتبادل بين أفراد المجتمع، مع قوة دافعة تتمثل في التضامن الذي يترابط في رابط العقيدة الإسلامية. وأخيرًا، من خلال هذه الدراسة البسيطة، يوصي الباحث بأنه في الدراسات القادمة يجب دراسة مفهوم بلدة طيبة في القرآن الكريم من خلال مناهج مثل التفسير المقارن أو الموضوعي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن دراسة المفاهيم الأخرى من خلال المنهج السيمانتيكي، لأن هذا المنهج يمكن أن يساعد في فهم مفردات القرآن الكريم. الكلمات الرئيسية : الدلالة، بلاد، بلدة طيبة.