يُعدّ أمراض الحياة المسرفة أسلوب حياة يُركز على التمتع بالدنيا وإشباع الشهوات، وغالبًا ما يتعارض مع القيم الروحية التي تؤكد على توازن الحياة. وفي هذا السياق، يصبح مفهوم الزهد ذا أهمية باعتباره أحد تعاليم الإسلام التي تدعو إلى الحياة البسيطة وعدم التعلق بملذات الدنيا، مع إعطاء الأولوية للحياة الآخرة. وقد كان للشيخ النواوي البنتاني، وهو أحد كبار العلماء من بانتن، إندونيسيا، فكر عميق حول الزهد، وهو ما يتجلى في مختلف مؤلفاته. تهدف هذه الدراسة إلى البحث بشكل شامل في فكر الشيخ النواوي البنتاني حول الزهد وتطبيقه في علاج أمراض الحياة المسرفة في المجتمع المعاصر. ومن خلال فهم تعاليم الزهد التي قدمها الشيخ النواوي، تسعى هذه الدراسة إلى تقديم رؤية حول كيفية كون قيم الزهد حلاً لأسلوب الحياة الاستهلاكي والمادي الذي ينتشر في عصرنا الحالي. تعتمد هذه الدراسة على المنهج الوصفي-التحليلي من خلال منهج البحث المكتبي (Library Research). وتقوم الدراسة بتحليل مؤلفات الشيخ النواوي البنتاني التي تتناول مفهوم الزهد وتطبيقه في علاج أمراض الحياة المسرفة التي انتشرت في المجتمع الحديث. أظهرت نتائج البحث أن مفهوم الزهد عند الشيخ النواوي البنتاني لا يعني رفض الدنيا بشكل مطلق، بل هو موقف لضبط القلب حتى لا يتعلق تعلقًا مفرطًا بملذات الدنيا. ويركز الزهد الذي يقدّمه الشيخ النواوي البنتاني على أهمية التوازن بين احتياجات الدنيا والآخرة من خلال إعطاء الأولوية للتقوى، والبساطة، وضبط النفس أمام إغراءات المادة. والزهد لا يعني التخلي عن السعي في الحياة أو العيش الاجتماعي، ولكنه يتعلق بكيفية إدارة المال والمكانة بحكمة دون جعلهما الهدف الرئيسي في الحياة. بالإضافة إلى ذلك، توصلت الدراسة إلى أن مفهوم الزهد له تطبيق كبير في علاج أمراض الحياة المسرفة. ففي ظل مجتمع استهلاكي ومادي متزايد، يمكن أن يكون الزهد حلاً روحيًا وأخلاقيًا يساعد الإنسان على إدراك أن السعادة الحقيقية لا تكمن في المال أو الملذات الدنيوية، بل في راحة القلب والقرب من الله سبحانه وتعالى. ومن خلال تطبيق قيم الزهد، يمكن للفرد تجنب أمراض القلب مثل الجشع، والغرور، والحسد، ويعيش حياة مليئة بالشكر والقناعة. ومع ذلك، لا تزال هذه الدراسة تعاني من العديد من النواقص، لذلك يُوصى بأن تتوسع الدراسات المستقبلية في البحث عن تطبيقات عملية لتعاليم الشيخ النواوي البنتاني في مختلف جوانب الحياة، مثل التعليم، والاقتصاد، والمجتمع، والثقافة. كما يُؤمل أن يتعمق الباحثون في المستقبل في المصادر الأصلية لمؤلفات الشيخ النواوي للحصول على فهم أكثر شمولية، بما في ذلك دراسة السياق الحديث والتحديات المعاصرة. الكلمات المفتاحية: الزهد، الشيخ النواوي البنتاني، أمراض الحياة المسرفة.