ليس الشرّ سلبيًا بالكامل؛ بل يمكن أن يعمل كوسيلة لإظهار الخير العالمي الأعمق. أصبحت هذه الفكرة أكثر أهمية في العالم الحديث المليء بالتحديات والمصائب والشرور. من خلال تغيير المنظور من التركيز على الشر، يمكن للأفراد العثور على المعنى والخير في المواقف الصعبة، وتنمية الصمود العقلي والروحي في مواجهة اختبارات الحياة. بديع الزمان سعيد النورسي، وهو عالم ومفكر وكاتب مسلم كردي من أصل تركي، اشتهر كمؤسس حركة "نورجو"، يقدم منظورًا بناءً لفهم واقع الحياة. أشهر أعماله، "رسائل النور"، هو مجموعة من الكتابات التي تتناول الإيمان والعقيدة والروحانية في الإسلام. لُقب بـ"بديع الزمان" (معجزة الزمان) بسبب ذكائه الاستثنائي. طوال حياته، واجه النورسي النفي والسجن بسبب آرائه التي اعتُبرت متعارضة مع سياسات الحكومة التركية العلمانية. ومع ذلك، ظل ملتزمًا بنشر تعاليم القرآن. لا تزال حركة "نورجو" و"رسائل النور" ذات تأثير واسع، خاصة في تركيا والمجتمعات الإسلامية العالمية. تهدف هذه الدراسة إلى استكشاف مفهوم الإيمان من منظور النورسي وعلاقته بفهم الجمال والشر، وكيف يرتبط هذان المفهومان بإيمان الفرد. التركيز ينصب على كيفية مساعدة أفكار النورسي الأفراد في مواجهة اختبارات وتحديات الحياة بشكل إيجابي وشامل. تقدم الدراسة رؤى يمكن أن تدعم الصحة العقلية والروحية للأفراد في مواجهة صعوبات الحياة . هذا البحث من النوع النوعي (كيفي) باستخدام المنهج الوصفي التحليلي. وهذا يعني أن البحث يركز على الفهم العميق للموضوع الذي يتم دراسته، دون استخدام البيانات الرقمية. يتمحور هذا البحث بشكل رئيسي حول أعمال سعيد النورسي، وخاصة "رسائل النور"، وهي مجموعة من كتابات النورسي حول موضوعات روحية وفلسفية متنوعة. يشمل البحث تحليلًا للأمثلة التي أثارها النورسي، مثل الظواهر الطبيعية والتفاعلات بين الكائنات الحية، بهدف استخراج معاني أعمق. بالإضافة إلى ذلك، يحلل البحث تفسيرات النورسي حول الشر الجزئي والخير الكوني، محاولًا فهم كيفية رؤية النورسي للعلاقة بين هذين المفهومين. ومن خلال هذا المنهج، يهدف البحث إلى تقديم فهم شامل لرؤية النورسي وتطبيقاتها في سياق الحياة. أظهرت نتائج الدراسة أن الإيمان عند سعيد النورسي هو نور وقوة روحية تقوي القلب والعقل، يتم اكتسابها من خلال التعمق في القرآن والتأمل (تفكر) في الكون كدليل على عظمة الله. جمع النورسي بين العقل والقلب لبناء يقين راسخ، مؤكدًا أن الإيمان يجب أن يكون نشطًا وديناميكيًا وخاليًا من الشك في مواجهة التحديات الحديثة. من خلال الإيمان، يرى الإنسان الكون كآية لعظمة الله، مما يزرع الشكر ويحفز على فعل الخير. وبالتالي، يصبح الإيمان أساسًا لحياة متوازنة وذات معنى ومتصلة بالله وبالآخرين. لا يوجد شر مطلق في الكون؛ فالشر الجزئي يعمل على إظهار الخير العالمي. فهم هذا الأمر يصبح أساسًا لمواجهة اختبارات الحياة بشكل إيجابي وبناء.