يعدّ سلوك السخرية والسبّ يُعَدّ من الأفعال السلبية المنتشرة في المجتمعات، سواء في العصور الماضية أو في العصر الحاضر. ومعظم الناس لا يدركون أنّ هذا السلوك يعبر عن وجود خللٍ في ذواتهم. وفي الحياة الحديثة، يظهر هذا السلوك في صورة التنمّر ، مثل السخرية من الجسد، وهو أن يسخر الإنسان من غيره أو يستهزئ به أو يحتقره أو يطلق عليه ألقابًا سيئة، استنادًا إلى الشكل الجسدي أو العِرق أو الوضع الاجتماعي أو الجنس. وقد ورد في القرآن الكريم النهي الصريح عن السخرية والإهانة والتنابز بالألقاب أو الاستهزاء بأيّ فئةٍ من الناس. يهدف هذا البحث إلى دراسة مفهوم الاستهزاء في القرآن الكريم، بتحليل تفسير الإمام البيضاوي للآيات المتعلقة. ويشمل البحث كذلك بيان العوامل التي تدفع إلى سلوك الاستهزاء والسخرية، والآثار السلبية للفاعل أو الضحية. هذا البحث هو بحث مكتبي يقوم على منهج التفسير الموضوعي، وقد استخدم البحث المنهج الوصفي لبيان مفهوم الاستهزاء في القرآن الكريم و منهج التحليلي لتحليل علاقته باضطراب النفس، وباعتماد على التفسير أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي. تبيّن من نتائج البحث أنّ الاستهزاء في القرآن الكريم ذو مفهوم واسع يشمل الإهانة الموجّهة إلى الدين والإنسان. وأن أشكاله تتنوع من رفض الحقّ إلى السخرية الاجتماعية، مثل السُّخْرِيَة، اللُّمَزَة، الهُمَزَة، والنَّبْز. وهذا السلوك لا يقتصر على الإضرار بالأخلاق الاجتماعية فحسب، بل يدل كذلك على فسادٍ في النَّفس، مثل الكِبْر والحسد والغضب لدى الفاعل، وأما للضحية آثارا سلبيا مثل نقص الثقة بالنفس والاكتئاب والقلق وغيره. وآخرا، اعترف الباحثة بأن هذا البحث ما زال بعيدا عن الكمال، وأن فيه كثيرًا من النقص، فترجوا الباحثة أن تتناول الدراسات اللاحقة هذا الموضوع بمزيد من الشمول والعمق، وأن تُحسن مباحثه وتستزيد عليها بما هو أفضل ممّا توصل إليه هذا البحث.