تشهد الضغوط النفسية ومستويات القلق التي يواجهها الأفراد في الحياة الحديثة، خصوصا في الوقت الحالي. وقد تفاقمت هذه الحالة بسبب هيمنة نمط الحياة المادي والتشتت الرقمي الذي يخل بالتوازن العاطفي والروحي. وفي ظل هذه الظروف، يقدم المنهج القائم على الروحانية مثل مفهوم الزهد بديلاً مهماً لمواجهة هذه المشكلات. وتهدف هذه الدراسة إلى استكشاف مفهوم الزهد في منظور الشيخ نووي البنتني ومدى ارتباطه بتحسين الرفاهية النفسية وتقليل مستويات القلق. لا يُفهم الزهد على أنه مجرد ممارسة مادية للتخلي عن العالم، بل يُنظر إليه كحالة قلبية تحرر الإنسان من الارتباط العاطفي بالجوانب الدنيوية. وتعتمد هذه الدراسة على منهج نوعي من خلال تحليل النصوص لأعمال الشيخ نووي التي تركز على التصوف، خاصة مفهوم الزهد، بالإضافة إلى الإشارة إلى آراء الصوفيين الآخرين، سواء الكلاسيكيين أو المعاصرين. كما تدمج الدراسة القيم الروحية في التصوف مع نظريات علم النفس الحديث لتحليل كيف يمكن لممارسة الزهد أن تساعد الأفراد على تحقيق التوازن العاطفي وراحة البال والمرونة النفسية. وتشير النتائج إلى أن الزهد، وفقاً للشيخ نووي، يقوم على ثلاثة أركان رئيسية: الوعي بالدعم الإلهي باعتباره تجلياً لإرادة الله، التوجه الروحي نحو حياة الآخرة، والرضا المطلق بتجارب الحياة. ومن خلال ممارسة الزهد، يمكن للأفراد تقليل القلق الناجم عن الضغوط الدنيوية عبر تعزيز الوعي الروحي وتقوية العلاقة مع الله. وبالتالي، تؤكد الدراسة على أهمية قيم الزهد في سياق الحياة الحديثة، لا سيما كدليل لمواجهة تحديات الحياة في العصر الرقمي الذي غالباً ما يؤدي إلى الإجهاد والاضطرابات النفسية. وبناءً عليه، يمكن اعتبار مفهوم الزهد وفقاً للشيخ نووي البنتني أساساً لتطوير نماذج استشارية إسلامية وتدخلات نفسية قائمة على .الروحانية بهدف تعزيز الرفاهية النفسية وتقليل القلق لدى الأفراد