يعد الذكر من المفاهيم الأساسية في القرآن الكريم، إذ يهدف إلى ترسيخ الصلة الروحية بين الإنسان وربّه. وفي العصر الحديث، أصبحت اضطرابات القلق من أكثر المشكلات النفسية انتشاراً، مما يستدعي اعتماد مقاربات شمولية تشمل البعد الروحي. يقدّم فخر الدين الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب معالجة عقلانية وفلسفية عميقة لمعنى الذكر، الأمر الذي يجعله ذا صلة بالمقاربات النفسية المعاصرة في معالجة القلق. يهدف هذا البحث إلى توضيح مفهوم الذكر في القرآن الكريم وفق تفسير الرازي في مفاتيح الغيب، وتحليل مدى ارتباط هذا المفهوم بمعالجة القلق في منظور علم النفس. اعتمد البحث على المنهج النوعي باستخدام أسلوب التفسير الموضوعي، وذلك من خلال تتبّع الآيات المتعلقة بالذكر، ودراسة تفسير الرازي لها، ثم ربط نتائج التفسير بالنظريات النفسية المعاصرة حول القلق. كما يعتمد البحث على مفاتيح الغيب كمصدر رئيسي، إضافةً إلى مراجع في علم النفس. تبيّن من خلال الدراسة أنّ الرازي يرى الذكر بوصفه عملاً قلبيّاً وعقليّاً يُرَسِّخ حضور الله في النفس، ولا يقتصر على الألفاظ اللسانية. ويرى أنّ الذكر يسهم في تهدئة النفس، وتثبيت المشاعر، وتقوية التوكّل، وإزالة المخاوف المفرطة. وتظهر من خلال ذلك صلته الواضحة بمفاهيم تنظيم الانفعالات في علم النفس، مما يجعله أداة مساندة في معالجة اضطرابات القلق. يوصي البحث بإجراء دراسات تطبيقية وتجريبية لقياس فعالية الذكر كوسيلة علاجية، وكذلك تطوير نموذج للعلاج النفسي الإسلامي يعتمد على مفهوم الذكر كما شرحه الرازي.