قام المستشرق ريتشارد بيل بانتقاد بنية وترتيب الآيات في القرآن الكريم، ومنها سورة الغاشية، حيث ذكر أن الآيات فيها غير منظمة بشكل متقن. كما أنه شكك في أصالة القرآن وادعى وجود إضافات في بعض آياته لا تتوافق مع الأصل، مثل الآيات ١-٥ و٨-١٢ في سورة الغاشية. بالإضافة إلى ذلك، أشار بيل إلى أن الآيات ١٧-٢٠ لا ترتبط بالآيات التي قبلها وبعدها. ولكن هذا الرأي يتعارض مع ما أكده علماء المسلمين، الذين يرون أن القرآن الكريم يمتلك نظامًا خاصًا يُعرف بالنظام الإلهي التوقيفي. لذلك، يرغب الباحث في الرد على نقد ريتشارد بيل بشأن سورة الغاشية وبيان أنه غير صحيح، وكذلك في الكشف عن أوجه التشابه والاختلاف بين علم المناسبة والبلاغة السامية في تفسير بنية سورة الغاشية. يعتمد هذا البحث على منهج البحث المكتبي، حيث يتم جمع البيانات الوثائقية من مصادر مكتوبة مختلفة، مثل المخطوطات والكتب والمجلات والصحف والوثائق الأخرى. يتم تحليل البيانات التي تم جمعها باستخدام المنهج الوصفي-المقارن، وذلك من خلال مقارنة تطبيقات نظريات علم المناسبة والبلاغة السامية في تفسير ارتباط الآيات وبنيتها في سورة الغاشية. وبذلك، فإن الإطار النظري لهذا البحث يقوم على علم المناسبة والبلاغة السامية. من بين النتائج التي توصل إليها البحث ما يلي: (1) من وجهة نظر علم المناسبة والتحليل البلاغي السامي، فإن سورة الغاشية مُنظّمة بشكل منهجي وخطي، بحيث ترتبط الآيات بعضها ببعض، وتنقسم السورة إلى أربعة أقسام، يحمل كل قسم منها موضوعًا محددًا: تصوير يوم القيامة وحال أهل النار، ثم حال المؤمنين كأهل الجنة، ثم إثبات قدرة الله من خلال دلائل الكون المشاهدة، وأخيرًا تحذير الله لعباده من الإعراض عنه. ومن خلال هذين المنهجين، يتبين أن السورة مترابطة في بنيتها ومنسّقة، مما يردّ على دعوى ريتشارد بيل بأنها غير مترابطة. (3) التشابه بين التحليل البلاغي السامي وعلم المناسبة يكمن في أن كليهما يكشفان عن العلاقة بين الآيات والموضوع والمعنى في السورة، مثل العلاقة بين الآيات 2-7 و8-16 التي تم ترتيبها بشكل متسلسل ومتقابل لإبراز المقارنة الواضحة بين العذاب والنعيم. أما الفرق بينهما قام تحليل البلاغي السامي بالمنهجية المتوازي، بينما يعتمد علم المناسبة على النهج الخطي. بناءً على هذا البحث، اقترح الباحث بأن تواصل الدراسات المستقبلية استكشاف تطبيق منهجية البلاغة السامية وعلم المناسبة على سور أخرى غير سورة الغاشية. ويهدف ذلك إلى تحقيق فهم أعمق لبنية القرآن الكريم والعلاقات بين آياته. بالإضافة إلى ذلك، من المهم إدراج آراء مختلف العلماء المسلمين والمستشرقين من أجل إثراء النقاش حول ترابط النص القرآني ومنهجيته. وبهذا، يمكن أن تسهم نتائج البحث في تطوير الدراسات التفسيرية المعاصرة بشكل ملحوظ. الكلمات الرئيسية: المناسبة، البلاغة السامية، سورة الغاشية