لا تزال علوم النفس الحديثة التي تُدرّس في الجامعات إلى يومنا هذا تترك مشكلاتٍ جدّيةً من حيث المصطلحات والمنهجية المعرفية والرؤية الكونية (العالمية). ويُعدّ من بين علماء النفس المسلمين الذين انتقدوا هذه الإشكالات محمد عثمان نجاتي، حيث قدم من خلال مؤلفاته ملاحظات نقدية على هذه الإشكالات في علم النفس الحديث، كما قدّم مقترحات لأسلمة علم النفس لمواجهة تلك المشكلات القائمة في هذا المجال. وبالنظر إلى أهمية هذا المفهوم، فإن الباحث يعتزم دراسة مفهوم الأسلمة هذا في هذا البحث. يُصنّف هذا البحث ضمن دراسات علم النفس، في إطار البحث المكتبي (البحث في المصادر) ويستخدم المنهج النوعي. ويهدف هذا البحث إلى الكشف عن مفهوم أسلمة علم النفس الحديث عند محمد عثمان نجاتي وتحليله. ومن ثم، يستخدم البحث المنهج الوصفي التحليلي. فالمنهج الوصفي يُستخدم للكشف عن مفهوم أسلمة نجاتي بشكل شامل، بينما يُستخدم المنهج التحليلي لتحليل مفهوم الأسلمة لدى محمد عثمان نجاتي. أما نتائج البحث، فهي كما يلي: أولاً، كان لعثمان نجاتي مساهمة كبيرة في تطور علم النفس الإسلامي، حيث أظهر من خلال قراءته النقدية لعلم النفس الحديث المشكلات الكامنة في المفاهيم النفسية التي تتعارض مع القيم الإسلامية. ثانياً، يختلف مفهوم أسلمة العلم عند كل من نجاتي و العطاس، من حيث المنهجية والمقاربة. إذ إن مقاربة العطاس تتسم بكونها من الأعلى إلى الأسفل، في حين أن مقاربة عثمان نجاتي تتسم بكونها من الأسفل إلى الأعلى،. وبناءً على هذه النتائج، فإن مفهوم أسلمة علم النفس الحديث عند عثمان نجاتي يُعدّ مثالياً ليكون مرجعاً في الدراسات المتعلقة بعلم النفس الإسلامي. وفي ضوء هذا البحث، يوصي الباحث الباحثين اللاحقين باستكمال نموذج أسلمة علم النفس الحديث بشكل أكثر فلسفياً، أنطولوجياً، إبستمولوجياً وأكسيولوجياً، لبناء علم نفس إسلامي أكثر مثالية في المستقبل.